الاديب الجاحظ ...... وأزمة الدول العربية
قال الجاحظ : وكان بعض المفسِّرين يقول : من أراد أن يعرف معنى قوله : وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُون فَلْيُوقِدْ ناراً في وسط غَيضه أو في صحراء بريّة ثمّ ينظر إلى ما يغشى النارَ من أصناف الخلق من الحشرات والهمج فإنّه سيرى صُوراً ويَتَعرَّف خلقاً لم يكن يظنُّ أنَّ الله تعالى خلق شيئاً من ذلك العالم وعَلَى أنَّ الخلق الذي يغْشى نارَهُ يختلف عَلَى قدر اختلافِ مواضعِ الغياض والبحار والجبال ويعلم أنَّ مَا لم يبلغه أكثرُ وأعجب ومَا أردُّ هذا التأويل وإنّه ليدخل عندي في جملةِ مَا تدلُّ عليه الآية ومَنْ لَمْ يَقل ذلك لم يفهَمْ عن ربِّه ولم يفقَهْ في دينه
من عشق البحث وراء الاشياء والتعمق خلف المعاني والاسرار يعلم ان الدول اخوة علات ابوهم واحد والامهات شتى
ومن تتبع الكلام يعرف انه يعيش وسط البيئة التي منها يخرج الى الناس
ان النار التي تشتعل وسط الغابة او في صحراء هي الفتن التي نراها هنا وهناك
والفراش والحشرات التي تأتي الى النار هي أولئك البشر الذي لا نعرفهم ولم نسمع عنهم الا في تلك الاضاءة العابرة واللمحة الخاطفة
تعتقد ان الفتن تصقل الافكار واذا بها تبرز المعتوه والمجنون والسفيه
فالعاقل يعرف الفتنة واخبارها ويقدر احوالها وشئونها
ومع الايام يرتقي المجنون ويسفل العاقل
ربما نسأل انفسنا من هو هذا المجنون الذي يقود الفتن ؟
اقول اصنافه مختلفة واخباره متنوعة
ربما يكون حاكما او مشرعا او وزيرا او مواطنا اقول ربما
ولنأخذ مجنونا قريب العهد بخبر الجنون
اراد مجنون ان يحل أزمة التعليم في دولة ما فألغى الدرجات السنوية
ثم زاد الجنون بسبب البلغم او المرة السوداء
فخسف بالدرجات لكي يضم ان الجامعة سوف تستقبل الاعداد القليلة
ثم استفاق من الجنون
فوجد نفسه امام معتوه في المرآة فألقى اللوم على غيره ولبث خلف عباءته ليقول : قضاء وقدر
ننطلق الى معتوه اخر :
زعم رجل سفيه ان حل الازمات التي في هذه الدنيا ان يتصرف الانسان دون قانون يذكر
والسؤال : لو قتل هذا الرجل بسبب معتوه اخر رأى ان يطبق قانونه المزعوم ؟
هكذا نكتشف :
ان الجاحظ ذكر النار - وهي الفتن عندنا - عندما توقد في الغابة والصحراء في ليلة مظلمة سوف تكشف لنا عن حشرات وهوام وهمج لم يخطر في بالنا انها موجوده
ولكم ان تكملوا القصة
تعليقات