د. حاكم عبيسان المطيري ....وفهم النصوص

بسم الله الرحمن الرحيم


ذكرت في المقال السابق موقف الدكتور حاكم المطيري حول حكم الردة  وقد عرضت ما كتبت على بعض اصحابنا  وقرأت عليهم كلام الدكتور حاكم  في كتابه تحرير الانسان  فنبهني اخي وصديقي  السيد: وليد الديولي  الى نقطة غابت عني وعن الدكتور حاكم  وانا اعرضها عليكم




جاء في كتاب الدكتور حاكم عبيسان  ص 364 -367 عندما تكلم عن حديث انس بن مالك مع عمر بن الخطاب ما يلي حسب عرض الدكتور :


1 - عن أنس رضي الله عنه قال بعثني أبو موسى بفتح تستر إلى عمر رضي الله عنه فسألني عمر وكان ستة نفر من بني بكر بن وائل قد ارتدوا عن الإسلام ولحقوا بالمشركين فقال ما فعل النفر من بكر بن وائل قال فأخذت في حديث آخر لأشغله عنهم فقال [ ص 166 ] ما فعل النفر من بكر بن وائل قلت يا أمير المؤمنين قوم ارتدوا عن الإسلام ولحقوا بالمشركين ما سبيلهم إلا القتل فقال عمر لأن أكون أخذتهم سلما أحب إلي مما طلعت عليه الشمس من صفراء أو بيضاء قال قلت يا أمير المؤمنين وما كنت صانعا بهم لو أخذتهم قال كنت عارضا عليهم الباب الذي خرجوا منه أن يدخلوا فيه فإن فعلوا ذلك قبلت منهم وإلا استودعتهم السجن




2- حدَّثَنَا عَامِرٌ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُ أَنَّ نَفَرًا مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ ارْتَدُّوا عَنِ الإِسْلاَمِ وَلَحِقُوا بِالْمُشْرِكِينَ فَقُتِلُوا فِي الْقِتَالِ ، فَلَمَّا أَتَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بِفَتْحِ تُسْتَرَ ، قَالَ : مَا فَعَلَ النَّفَرُ مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ ، قَالَ : قُلْتُ عَرَضْت فِي حَدِيثٍ آخَرَ لأَشْغَلَهُ عَنْ ذِكْرِهِمْ ، قَالَ : مَا فَعَلَ النَّفَرُ مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ ، قَالَ : قُلْتُ : قُتِلُوا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، قَالَ : لَوْ كُنْتُ أَخَذْتهم سِلْمًا كَانَ أَحَبُّ إلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ مِنْ صَفْرَاءَ وَبَيْضَاءَ ، قَالَ : قُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , وَمَا كَانَ سَبِيلُهُمْ لَوْ أَخَذْتهمْ إِلاَّ الْقَتْلَ , قَوْمٌ ارْتَدُّوا عَنِ الإِسْلاَمِ وَلَحِقُوا بِالشِّرْكِ ، قَالَ : كُنْتُ أَعْرِضُ أَنْ يَدْخُلُوا فِي الْبَابِ الَّذِي خَرَجُوا مِنْهُ , فَإِنْ فَعَلُوا قبِلْت ذَلِكَ مِنْهُمْ , وَإِنْ أَبَوْا اسْتَوْدَعْتهمَ السِّجْنَ.

3- عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: " ارْتَدَّ سِتَّةُ نَفَرٍ مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ يَوْمَ تُسْتَرَ، فَقَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَسَأَلَنِي، فَقَالَ: مَا فَعَلَ النَّفَرُ؟ فَأَخَذْتُ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ، ثُمَّ قَالَ: مَا فَعَلَ النَّفَرُ؟ قُلْتُ: قُتِلُوا , قَالَ: لَأَنْ أَكُونَ أَدْرَكْتُهُمْ كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ , قَالَ: قُلْتُ لَهُ: وَمَا سَبِيلُهُمْ إِلَّا الْقَتْلُ؟ قَالَ: كُنْتُ أَعْرِضُ عَلَيْهِمُ الدُّخُولَ مِنَ الْبَابِ الَّذِي خَرَجُوا مِنْهُ، فَإِنْ فَعَلُوا وَإِلَّا اسْتَوْدَعْتُهُمُ السِّجْنَ "

4- أنس بن مالك قال : لما فتحنا تستر بعثني أبو موسى إلى عمر فلما قدمت عليه قال ما فعل حجيبة وأصحابه وكانوا إرتدوا عن الإسلام ولحقوا بالمشركين فقتلهم المسلمون فأخذت به في حديث آخر فقال ما فعل النفر البكريون قلت يا أمير المؤمنين إنهم إرتدوا عن الإسلام ولحقوا معهم بالمشركين فقتلوا فقال عمر لأن يكون أخذتهم سلما أحب إلي من كذا وكذا قلت يا أمير المؤمنين ما كان سبيلهم لو أخذتهم سلما إلا القتل قوم إرتدوا عن الإسلام ولحقوا بالمشركين فقال لو أخذتهم سلما لعرضت عليهم الباب الذي خرجوا منه فإن رجعوا وإلا استودعتهم السجن 

5- عَنْ عَامِرٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ لَمَّا نَزَلْنَا عَلَى تُسْتَرَ. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِى الْفَتْحِ وَفِى قُدُومِهِ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ عُمَرُ : يَا أَنَسُ مَا فَعَلَ الرَّهْطُ السِّتَّةُ مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَنِ الإِسْلاَمِ فَلَحِقُوا بِالْمُشْرِكِينَ؟ قَالَ فَأَخَذْتُ بِهِ فِى حَدِيثٍ آخَرَ لِيَشْغَلَهُ عَنْهُمْ قَالَ مَا فَعَلَ الرَّهْطُ السِّتَّةُ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَنِ الإِسْلاَمِ فَلَحِقُوا بِالْمُشْرِكِينَ مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ قَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قُتِلُوا فِى الْمَعْرَكَةِ قَالَ : إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. قُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَهَلْ كَانَ سَبِيلُهُمْ إِلاَّ الْقَتْلَ؟ قَالَ : نَعَمْ كُنْتُ أَعْرِضُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَدْخُلُوا الإِسْلاَمِ فَإِنْ أَبَوُا اسْتَوْدَعْتُهُمُ السِّجْنَ.  وَبِمَعْنَاهُ رَوَاهُ أَيْضًا سُفْيَانُ الثَّوْرِىُّ عن دَاوُدَ بْنِ أَبِى هِنْدٍ.


هذا هو الحديث حسب عرض الدكتور حاكم عبيسان  

وكان تنبيه السيد // وليد الديولي :  ان هؤلاء الرهط  لحقوا بالمشركين  وقتلوا في المعركة   اهـ


وهذه اللفتة تحتاج منا الى  التوقف .


وهنا  قضية اخرى جعلتني  ابحر مع الحديث اكثر ولعل الايام تسعف  بشرحها  وهي :  محاولة سيدنا أنس بن مالك تغيير الموضوع وصرف سيدنا عمر بن الخطاب عن تقصي القصة التي لهؤلاء النفر من بكر بن وائل 



والان نرجع لموضوعنا 

علق الدكتور حاكم على هذا الحديث  فقال : والصحيح ان قول عمر صريح في جواز حبسه واستتابته أبدا دون قتل 

وقد اعتمد  الدكتور حاكم  على قول ابن حزم فقط  في هذا الحكم


بينما  من تكلم على هذا الحديث  قال غير ذلك : 


قال ابن عبدالبر في التمهيد : وروى داود بن أبي هند عن الشعبي عن أنس بن مالك أن نفرا من بكر بن وائل ارتدوا عن الإسلام يوم تستر ولحقوا بالمشركين فلما فتحت قتلوا في القتال قال فأتيت عمر بفتحها فقال ما فعل النفر من بكر بن وائل فعرضت في حديث لأشغله عن ذكرهم فقال ما فعل النفر من بكر بن وائل قلت قتلوا قال لأن أكون كنت أخذتهم سلما أحب إلي مما طلعت عليه الشمس من صفراء وبيضاء قلت وهل كان سبيلهم إلا القتل ارتدوا عن الإسلام ولحقوا بالمشركين قال كنت أعرض عليهم أن يدخلوا في الباب الذي خرجوا منه فإن فعلوا قبلت منهم وإلا استودعتهم السجن.
وروى أبو معاوية عن الأعمش عن أبي عمرو الشيباني أن عليا أتى بالمستورد العجلي وقد ارتد عن الإسلام فاستتابه فأبى أن يتوب فقتله وروى عبادة عن العلاء أبي محمد أن عليا أخذ رجلا من بكر بن وائل تنصر بعد الإسلام فعرض عليه الإسلام شهرا فأبى فأمر بقتله.
ولا أعلم بين الصحابة خلافا في استتابة المرتد فدل ذلك على أن معنى الحديث والله أعلم من بدل دينه وأقام على تبديله فاقتلوه






فهذا قول ابن عبدالبر وهو قرين ابن حزم  وبلديه في الاندلس  ذهب مع ايراده لحديث عمر الى ((ولا أعلم بين الصحابة خلافا في استتابة المرتد فدل ذلك على أن معنى الحديث والله أعلم من بدل دينه وأقام على تبديله فاقتلوه ))


 بل زاد الامر وضوحا  في كتابه الاستذكار فقال : ((  قال ابو عمر يعني استودعتهم السجن حتى يتوبوا فان لم يتوبوا قتلوا هذا لا يجوز غيره لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من بدل دينه فاضربوا عنقه ) ))




وقال ابن تيمية في الصارم المسلول : و عن عائشة رضي الله عنها قالت : ارتدت امرأة يوم أحد فأمر النبي صلى الله عليه و سلم أن يستتاب فإن تابت و إلا قتلت رواهما الدار قطني 
 و هذا ـ إن صح ـ أمر بالاستتابة و الأمر للوجوب و العمدة فيه إجماع الصحابة عن محمد بن عبد الله بن عبد القاري قال : قدم على عمر بن الخطاب رجل من قبل أبي موسى الأشعري فسأله عن الناس فأخبره ثم قال : هل من مغربة خبر ؟ قال : نعم رجل كفر بعد إسلامه قال : فما فعلتم به ؟ قال : قربناه فضربنا عنقه قال عمر : فهلا حبستموه ثلاثا و أطعمتوه كل يوم رغيفا و استتبتموه لعله يتوب و يرجع إلى أمر الله اللهم إني لم أحضر و لم آمر و لم أرض إذ بلغني رواه مالك و الشافعي و أحمد و قال : [ أذهب إلى حديث عمر ] و هذا يدل على أن الاستتابة واجبة و إلا لم يقل عمر : [ لم أرض إذ بلغني ] و عن أنس بن مالك قال : لما افتتحنا تستر بعثني الأشعري إلى عمر بن الخطاب فلما قدمت عليه قال : ما فعل البكريون ؟ قال : فلما رأيته لا يقلع قلت : يا أمير المؤمنين ما فعلوا ؟ أنهم قتلوا و لحقوا بالمشركين ارتدوا عن الإسلام قاتلوا مع المشركين حتى قتلوا قال : فقال : لأن أكون أخذتهم سلما كان أحب إلي مما على وجه الأرض من صفراء أو بيضاء و قال : فقلت : و ما كان سبيلهم لو أخذتم سلما ؟ قال : كنت أعرض عليهم الباب الذي خرجوا منه فإن أبو استودعتهم الحبس 








فاختلف ابن حزم  مع ابن عبدالبر في فهم فعل عمر  وكلامه  فنحتاج  الى محكم خارجي  يقضي لاحدهما  فوجدنا قولا واضحا صريحا لعمر بن الخطاب  وهو :  


كما في مصنف ابن ابي شيبة : حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : لَمَّا قَدِمَ عَلَى عُمَرَ فَتْحُ تَسْتُرَ ، وَتَسْتُرُ مِنْ أَرْضِ الْبَصْرَةِ ، سَأَلَهُمْ : هَلْ مِنْ مُغْرِبَةٍ ؟ قَالُوا : رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَحِقَ بِالْمُشْرِكِينَ فَأَخَذْنَاهُ ، قَالَ : فَمَا صَنَعْتُمْ بِهِ ؟ قَالُوا : قَتَلْنَاهُ ، قَالَ : أَفَلاَ أَدْخَلْتُمُوهُ بَيْتًا ، وَأَغْلَقْتُمْ عَلَيْهِ بَابًا ، وَأَطْعَمْتُمُوهُ كُلَّ يَوْمٍ رَغِيفًا ، ثُمَّ اسْتَتَبْتُمُوهُ ثَلاَثًا ، فَإِنْ تَابَ ، وَإِلاَّ قَتَلْتُمُوهُ ، ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَّ لَمْ أَشْهَدْ ، وَلَمْ آمُرْ ، وَلَمْ أَرْضَ إِذْ بَلَغَنِي ، أَوْ قَالَ : حِينَ بَلَغَنِي.






وهذه نقطة ينبغي على الدكتور حاكم الوقوف عندها كثيرا  لانه من اهل العلم  ويعرف هذه المباحث  فمعيب ان لا يستقصي الامر من جوانبه ويتكل على مصدر واحد  فالقصور على مصدر واحد يدل - ونعيذه بالله من ذلك - اتباع الهوى وليس اتباع الحق

تعليقات

‏قال غير معرف…
نحتاج لحصر لعدد من تكلم في إنكار حدّ الردة من الفقهاء المعاصرين سواء من أنكره بالكلية أو كيفه تعزيراً ونقارنهم بغير الشرعيين من القانونيين والسياسيين وبعض الختصين بعلوم القرآن الكريم والحديث الشريف ممن ليست لهم قدم راسخة في الفقه وأصوله لنقف على نسبة من ضل فهمه من الفقهاء المعاصرين في هذا الحدّ.
وقد تكون النتيجة المفترضة صحيحة بأنّ أغلب من خاض في هذا الحدّ بافنكار والتحريف أجنبي عن الفقه، واما الفقهاء المعاصرون فيحتاجون لدراسة الأسباب التي نحت بهم هذا المنحى لاسيما وهو منحى غريب ومستنكر من فقيه!
كما أنّ بعضهم انتقل من موقع الإثبات إلى موقع الإنكار الجزئي بتحريف الحدّ إلى التعزير فما السبب وراء هذا التغير؟

هل سلطة الثقافة الغالبة عند المنهزمين نفسياً من فقهاء الاعتذار للغرب؟
أم المقاصدية الجائرة المختلة في التطبيق؟
أم ضغط المجتمع الغربي لمن هاجر إليهم؟
أم التأثر بالفلسفة الغربية والنظر الليبرالية للحرية؟

الدكتور حاكم تكلم في غير فنّه فأتى بالعجائب، وقضيته التي تشغله ليل نهار " الحرية " وانطلاقه من هذا الأصل وجعلها الكلية المسيطرة على فكره سببت له هذه المزالق، ولا شك أنّ استقلال المسلمين وكرامتهم أمر في غاية الأهمية ولكن لا يجوز أن يؤدي ذلك للفهم المغلوط، وقلب المفاهيم الشرعية، والمنظومة السياسية الإسلامية إلى صراع بين حكومة ومعارضة، بحيث يقرأ تاريخ الخلفاء الراشدين من منظور صراع ديمقراطي معاصر، وبإسقاطات مستنكرة يعوزها الكثير من الدقة.

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الرد على السيف اليماني في نحر الاصفهاني صاحب الاغاني

الفرق بين المبدا والرأي (( نقاش ))

الشاعر حامد زيد و (( حاتم الطائي ))