(( الشعر والثقافة ))

من اكثر الامور التي تثير الاستغراب وتبعث على التعجب ان تتكلم بشيء عليه من الدلالات انواع شتى وحجج متعددة ثم تكتشف ان هناك من الناس من تجادلك فيه

الجميع متفق على ان الشعر موهبة توهب لأُناس ٍ ويحرم منها اخرون وكذلك الخطابة والكتابة والتاليف والرسم وغيرها 

والموهبة بحد ذاتها ليست هي المبدعة بل هي المحرك والمحرك بلا وقود لا يعمل ابدا
والوقود اللازم لعمل الموهبة هو الثقافة والعلم 


وكذلك من يملك الجسم المتناسق والرغبة الجامحة على بلوغ الغاية لن يقدر الا اذا تمرن وجرب نفسه وقدرته على التحمل 

وكذلك القدرة على الكتابة وامساك القلم لا يتم الابداع فيه الا اذا زود بالعلم والثقافة حتى يلبس المعاني الفاظا جميلة وعبارات شقية وجملة حلوة



ونحن جميعا نؤمن ان الوحي قد انتهى بموت النبي صلى الله عليه وسلم فلا وحي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم 

اذا فمن أين سوف يبدع الكاتب او الشاعر ؟؟؟

أليس الكاتب انسانا يحتاج الى مادة تزوده في طريقه واذا كانت المادة قليلة اصابه العطش والجوع بعد مرحلة بسيطة

وايضا ينبغي معرفة ان الشعر والكتابة صناعة والصناعة تحتاج الى الصقل والتدريب وطول الصبر والتأني وهذه تسمى مادة 

فكذلك الكاتب والشاعر يحتاج الى مادة تعينه على سلوك طريقه الابداع 

واذا قال انسان ما (( ليس شرطا ان يكون للشاعر او الكاتب ماددة تزوده في طريقه فماذا يكون جوابنا ؟؟؟))

واعتقد ويعتقد معي القارئ ان الموضوع موضوع نقاش وليس محل رفض مطلق يكتفي فيه الانسان ان يقول ((هذا رأي )) بل عليه كما علينا ان يأتي بالحجة والبرهان 

اولا: لا تنسَ ان الكتابة والشعر موهبة فاجعلها منك على ذُكر 
ثانيا : نحن نتكلم عن شخص يملك موهبة الشعر وصفة الكتابة 

والان ندخل في المضمون 


هل الشعر صناعة تحتاج الى دربة وطول صبر وتجربة ؟؟؟

والجواب : قال ابن سلام : وللشعر صناعة وثقافة يعرفها أهل العلم كسائر أصناف العلم والصناعات

قال الجاحظ : فإنما الشعر صناعةٌ وضَرْب من النَّسج وجنسٌ من التَّصوير .
ويعلل الجاحظ ذلك فيقول : لفرق بين المولد والأعرابي ونقول : إن الفَرق بين المولَّد والأعرابي : أنَّ المولَّد يقول بنشاطه وجمع باله الأبياتَ اللاحقَةَ بأشعارِ أهلِ البدو فإذا أَمعنَ انحلَّتْ قُوَّتُه واضطربَ كلامُه . 
قال قدامة بن جعفر :صناعة الشعر
ولما كانت للشعر صناعة، وكان الغرض في كل صناعة إجراء ما يصنع ويعمل بها على غاية التجويد والكمال، غذ كان جميع ما يؤلف ويصنع على سبيل الصناعات والمهن،


وقال الآمدي: زعموا أن صناعة الشعر وغيرها من سائر الصناعات لا تجود وتستحكم إلا بأربعة أشياء، وهي: جودة الآلة، وإصابة الغرض المقصود، وصحة التأليف، والانتهاء إلى نهاية الصنعة من غير نقص منها ولا زيادة عليها.

وقال المظفر بن الفضل: أنّ الشِّعرَ صِناعةٌ عزيزة شريفةٌ يخْلُدُ ذكرُها خُلودَ الدّهرِ، ويَبْقى فخرها بقاءَ الأبدِ. ومن لم يجْرِ في مَيْدانِ النّظْمِ، ولم يبرِّز في رِهانِ الحِذْقِ والفَهْمِ، ولم تَرُضْ قَريحتَهُ رياضةُ القَريض، ولم يدْعَكْ خاطرَهُ تنافُرُ القوافي دعْكَ الأديمِ، وتأبى عليه المعاني إباءَ الصّعْبِ الجَموحِ، وتعْتاصُ عليه الألفاظ العذبةُ الحلوةُ اعتياصَ البطيءِ الطليحِ، ويصعُبُ عليه ردُّ الشواردِ من مقاصدِه، ويمتنعُ عليه الخروجُ من النّمَطِ الموضوعِ والحدِّ المحدود الى غيرِه من التّفنُّنِ في الصّفاتِ والتشبيهاتِ، لم يعلمْ بحقائقِ الشِّعْرِ ودقائقِ المعاني،
وقال : ابن رشيق القيرواني : فأول ما يحتاج إليه الشاعر بعد الجد الذي هو الغاية، وفيه وحده الكفاية حسن التأتي والسياسة، وعلم مقاصد القول؛

رسالة ماجستير : وهذا الإبداع لا يتأتى على أكمل الوجوه إلا بحصول ثلاثة أشياء، وهي: المهيئات والأدوات والبواعث.
أما المهيئات فأهمها البيئة ذات الهواء الطلق، والمطعم الطيب، والمناطق الأنيقة، والترعرع بين الفصحاء الذين دربوا على الإحساس بالإيقاع وحفظ الكلام الموزون.
والأدوات هي العلوم المتعلقة بالألفاظ والعلوم المتعلقة بالمعاني.
والبواعث تنقسم إلى أطراب وآمال. فالأطراب كعوامل الحنين والآمال كالاستشراف إلى العطاء وما أشبه.
وبجانب هذه العوامل، لا بد لكمال إبداع الشعر من توفر قوى داخلية، وهي ثلاثة:
القوة الحافظة، وهي أن تكون خيالات الفكر منتظمة متمايزة، تلبس الموضوع صورة جلية حقيقية، مع تجنب جميع ما يعكرها ويكسبها الغموض وعدم الانتظام.
القوة المائزة هي التي يميز بها الشاعر ما يلائم موضوعه ونظمه وأسلوبه وغرضه مما لا يلائم ذلك.
القوة الصانعة هي التي تضم الألفاظ والمعاني والتركيبات النظمية والمذاهب الأسلوبية بعضها إلى بعض.
وإذا اجتمعت هذه القوى جميعها في الشاعر، سمي ذلك بالطبع الجيد في صناعة الشعر.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الرد على السيف اليماني في نحر الاصفهاني صاحب الاغاني

الفرق بين المبدا والرأي (( نقاش ))

الشاعر حامد زيد و (( حاتم الطائي ))