ابتهال الخطيب والالحاد الضائع

تاريخ الالحاد قديم جدا منذ ان خلق الله آدم والشيطان يجري منهم مجرى الدم وظل هذا الدم طريقا مُعبّدا للشيطان يبعث من خلاله الالحاد في كل حضارة وقد يستغرب الانسان والباحث والقارئ عن سبب وجود الالحاد مع اقرارنا ان الشيطان وهو خادم الشر يؤمن بالله ربا للعالمين وهذا شيء محير في بادئ الامر ولكن ذهب الدكتور عبدالرحمن بدوي في كتابه الكبير (( من تاريخ الالحاد )) الى :" ان الالحاد ظاهرة ضرورية النشأة في كل حضارة حين تكون في دور المدنية "

وقد فسر بدوي ذلك بقوله :"ذلك ان الالحاد نتيجة لازمة لحالة النفس التي استنفدت كل امكانياتها الدينية ، فلم يعد في وسعها بعد ان تؤمن "

اذا فالالحاد هي ردة فعل تجاه واقع لم يجد فيه الانسان الراحة الروحية والنفسية لكي يستقر مطمئنا على فكره وعقائده

ولقد وجد في تاريخنا الاسلامي من الزنادقة والملحدين اصناف متعددة ومذاهب مفردة انتهج اصحابها طرقا وسبلا ونسك انساكا كثيرة

ترجع الى اصول بعيدة الغور عميق الحفر

واوجدوا اسبابا لهذا الالحاد ودافعوا عنه بكل قناعة وقتل بعضهم في سبيله

وعندما تقرأ لهم تجد انهم اجتهدوا في ابراز هذه القناعة وان لم يوفقوا الى الطريق المستقيم والمنار المنيف

لذا ذهب العلامة ابو عبدالرحمن بن عقيل في كتابه (( لن تلحد ))

"الالحاد في عرف عامة الناس يعني انكار وجود الله ، والتكذيب بشرع الله ، وجحد حقائق الغيب "

وعبارته قريبة جدا مما في صدورهم وان لم تصرح بها السنتهم

وبعد هذه المقدمة جاء في خاطري الحديث عن كاتبة ودكتورة في كلية الاداب وهي السيدة "ابتهال الخطيب " حيث تابعت ما كتب عنها وما كان من مقابلتها في القنوات المتعددة والتي حفظ اغلبها في مواقع على الانترنت

وهي من خلال كلامها وحديثها يدل الكلام على انها من حزب (( خالف تعرف )) ومن فصيلة (( حبذا الامارة ولو على الحجارة ))

دفعها حب المخالفة الى اشياء متناقضة وحالة نفسية غريبة الاطوار عجيبة الاركان

تتبع ابتهال الخطيب المذهب الشيعي وهي تزعم انها ملحدة

وهناك عدة مقابلات تلفزيونية وعدة لقاءات صحفية ونخذ اهمها وهو مقابلة تركي الدخيل

د. ابتهال الخطيب: أنا أنادي باستمرار بفصل الدين عن الدولة.
تركي الدخيل: تعتبرين نفسك علمانية؟ تنادي بالعلمانية يعني بصراحة؟

د. ابتهال الخطيب: أؤمن بالفكر السياسي العلماني، هو أنت ما تقدر تقول للشخص أنه هو علماني، لأنه هو يعني نهج سياسي أكثر من أنه هو نهج شخصي، فنعم يعني أؤمن بأنه قد تكون علمانية الدولة هي خلاص دولنا من النيران الطائفية اللي قاعد تاكلها وتزحف عليها كلها.

وقالت ايضا : د. ابتهال الخطيب: لا أبداً لأنه بالعكس أنا قاعدة مثلاً في إيران السنة منتهكة حقوقهم، في بعض حقوقهم ما قاعد يحصلون عليها، وفي ضغوطات عليهم لأنهم يعتبرون أقلية هناك، أنا قاعدة أقول لما تفصل الدين عن الدولة لما تحقق المدنية الكاملة العلمانية هنا تحمي الأديان ولا تقف ضدها، لأن أنت تتعامل مع كل الأديان على مستوى واحد، وتكفل حرية الجميع في ممارسة حقهم الديني.

واوضحت الخطيب انها «لا تؤيد الدولة القائمة على الدين بل الدولة التي تقوم على رغبات الناس وحاجاتهم لانها تخدمهم، وذلك يتحقق من خلال القانون المدني الموجود في تونس مثلا، لان دخول الدولة في الدين يخلق اقليات وصراعات وعدم الاحساس بالامان، كما هو موجود في بعض الدول الاسلامية».

لم تفسر ابتهال الخطيب العلمانية تفسيرا صحيحا سليما ، بل ذكرت شيئا يرفضه واقع الحال وترجمة الكلام

- تعريف العلمانية: تقول دائرة المعارف البريطانية مادة (secularism): (هي حركة اجتماعية تهدف إلى صرف الناس وتوجيههم من الاهتمام بالآخرة إلى الاهتمام بهذه الدنيا وحدها).

ويقول معجم أكسفورد شرحاً لكلمة (secular):

1- دنيوي، أو مادي، ليس دينيا ولا روحياً: مثل التربية اللادينية، الفن أو الموسيقى اللادينية، السلطة اللادينية، الحكومة المناقضة للكنيسة.

2- الرأي الذي يقول: إنه لا ينبغي أن يكون الدين أساساً للأخلاق والتربية

فواضح جدا من هذه التعاريف الدقيقة والمتخصصة ان كلمة الدكتورة ابتهال لا تخرج عن المتعارف الساذج لتفسير كلمة (( علمانية )) فصل الدين عن الدولة بل التفسير الاقرب (( فصل الدين عن الحياة ))

تحاول الدكتورة اللجوء الى العلمانية تحت وطاة الطائفية فتقول ((فنعم يعني أؤمن بأنه قد تكون علمانية الدولة هي خلاص دولنا من النيران الطائفية اللي قاعد تاكلها وتزحف عليها كلها)) فهذا نهج سهل الكلام فيه صعب تطبيقه

فليس الدين وحده سبب الخلاف والتصارع والقتال والظلم والجور

قال تعالى ((وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ)) فهذه سنة الله ان الناس لن تتفق على شي

وقد وجدنا الدول التي ارتضت بالعلمانية بديلا عن الدين لم تنتهي المشاكل ولا استقامت لها الحياة

فقد توهمت الدكتور ابتهال اشياء ثم تحاول ان توهم الناس بها (( كذب الكذبة وصدقها ))

قال الجاحظ ((ثمّ عبتَ إنكاري بصيرةَ غنام المرتدِّ وبصيرةَ كلِّ جاحد وملحد وتفريقي بين اعتراض الغُمْر وبين استبصار المحقّ))

قال اسحاق النظام : نازعت من الملحدين الشاك والجاحد فوجدتُ الشُّكّاك أبصر بجوهر الكلام من أصحاب الجحود .

وقال ابنُ الجهم : ما أطمعني في أوْبة المتحيِّر لأنّ كل من اقتطعته عن اليقين الحيرة فضالته التبيُّن ومنْ وجد ضالته فرِح بها .

وقالت الخطيب لـ «الراي» ان أساس عملها «الدعوة لاحترام حرية الآخرين، وما قلته عن قضية المثليين هو أن كل إنسان يجب أن يأخذ حقوقه المدنية كافة سواء كان هذا الإنسان قاتلا أو مجرما أو مثليا» مشيرة إلى أن «زواج المثليين صعب التطبيق في مجتمعاتنا لأنه يحتاج إلى تغيير تشريعات كاملة وهو غير مرغوب في مجتمعاتنا، لكن ان كانت هناك دول لديها قوانين تسمح بزواج المثليين فيجب علينا احترام رغبة وقوانين تلك المجتمعات».

مشيرة إلى اني قلت في ما يتعلق بالمثليين اني «مع اعطاء جميع المواطنين بكافة اطيافهم الدينية والاجتماعية حقوقهم المدنية حتى لو كان من ضمن هؤلاء مثليون طالما أنهم لم يخالفوا قوانين البلد».

تحدثت عن زواج المثليين وإعطائهم حقوقهم على اساس المواطنة لا على اساس الدين او التوجه الجنسي «طالما التزموا بالاداب العامة»،

ان قضية المثلين نظرة لها الدكتورة ابتهال على انها حرية شخصية ورغبة ثنائية بين اثنين لا يحق للمجتمع ان يحاسبهم عليها

وهي بذلك تقتل كل ما للدين من قيم ومبادئ وحقوق وواجبات

نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ

وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ (80) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ (81) وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُواْ أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ

وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ

هنا انطلقت الدكتورة ابتهال في التحريم والتحليل من منظور قاصر عن رؤية الاشياء بنظرة شاملة عامة تقدر فيها الطبائع وكيفية وجود الاخلاق والتربية

فزواج المثلين مصادم للفطر

وأوضحت الخطيب: «أنا قلت في المقابلة ان هناك الكثير من الفتاوى التي تخالف المنطق الإنساني في وقتنا الحالي ومنها فتوى ارضاع الكبير والتمتع بالصغيرة أو ما يسمى بمفاخذة الرضيعة وهذه الفتاوى يجب أن تزال من كتبنا»

ومما قالته الكاتبة الليبرالية المثيرة للجدل في حلقة الأمس ان مفاخذة الرضيعة امر جائز عند البخاري ومسلم وهما مراجع سنية كبيرة, كما هي موجودة لدى كتب المرجع الشيعي الخميني

قالت الدكتورة ابتهال الخطيب انها ضد الفتاوى الجديدة مثل ارضاع الكبير وغيرها، وهناك ثغرات كثيرة في كتب الشريعة، وموجودة في كتاب الخميني وغيرها من الكتب..

ما ايدت فكرة تجسيد شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم في الاعمال الدرامية او فيلم سينمائي،

وايدت ايضا تجسيد شخصية الرسل خصوصا شخصية الرسول محمد صلى الله عليه وسلم في فيلم سينمائي «ليعرف الناس عن قرب هذه الشخصية الغائبة جسديا والحاضرة دينيا».

ورأت دكتورة الادب الانجليزي في جامعة الكويت ابتهال الخطيب ان تجسيد شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم امر عادي ويخدم الاطفال ويرسخ شخصيته...لكنها قالت انها لا تؤيد ولا تعارض تجسيد الله سبحانه وتعالى..

لقد وصلت هنا الدكتورة ابتهال الى طريق الضياع حيث اعلنت دون ان تشعر انها لا يؤمن بالله انه رب العالمين وان محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم رسول الله

فالله تقدس اسمه قال ((رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا )) فهو لا سمي له

وقال تعالى عن شعائره ((ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ))

فالذي يعظم شعائر الله يعظم الله ومن يعظم الله يكون اكبر كل شي

وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التفكر في الله وذاته اكثر من ما ذكر الله فقال : "يَأْتِى الشَّيْطَانُ الإِنْسَانَ فَيَقُولُ: مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ؟ فَيَقُولُ: اللَّهُ، ثُمَّ يَقُولُ: مَنْ خَلَقَ الأَرْضَ؟ فَيَقُولُ: اللَّهُ؟ حَتَّى يَقُولَ: مَنْ خَلَقَ اللَّهَ؟ فَإِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ ذَلِكَ، فَلْيَقُلْ: آمَنْتُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ.

اما تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم -بأبي هو وأمي - فقد جاء قوله تعالى ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (1) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لا تَشْعُرُونَ (2) إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (3) إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاء الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ (4)

تأملوا كيف ان الصوت في حضور النبي صلى الله عليه وسلم كبيرة واثم عظيم

حتى مناداته باسمه مجردا من صفة النبي او الرسول مرفوض

بل قال تعالى ايضا : إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (8) لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً

بل حتى كنية النبي صلى الله عليه وسلم كانت لها قيمتها

« تَسَمَّوْا بِاسْمِى وَلاَ تَكَنَّوْا بِكُنْيَتِى فَإِنِّى أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ أَقْسِمُ بَيْنَكُمْ »

وقال ايضا صلى الله عليه وسلم : ((( تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي ومن رآني في المنام فقد رآني حقا فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار )

بل اذاء النبي لا يجوز قال تعالى (وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا ))

بالاضافة إلى مطالبتها بتدريس الثقافة الجنسية في المدارس ورفضها منع المواقع الاباحية.

وتناولت الخطيب خلال مقابلتها قضايا مثيرة للجدل، اذ أكدت انها تؤيد المجاهرة بالالحاد على اعتبار ان ذلك حرية رأي،

وفى سؤال عن مدى موافقتها على الاجهار بالإلحاد قالت:" انا مع الاجهار بأى توجه ديني سواء متطرف او ملحد".

كما ايدت معالجة الكاتبة السعودية في «الراي» نادين البدير لمسألة تعدد الزوجات

كما اعترفت بأن والدها يعانى من تبعات افكارها وقالت: "انا متعصبة معه واضايقه اكثر مما يضايقنى ويعصبنى، لانى ارغب ان يكون فكره مثل فكرى"، مؤكدة انها تشعر احيانا بأنها منبوذة من المحيطين بها، ولكن بشكل مجمل فهي تشعر بأنها شخص مرغوب فيه.